تعاني المؤسسات الإعلامية من النقص في الخبرة القضائية مما يؤدي بهم المطاف إلى السجن أو الشبهة القضائية كما أنها تؤدي إلى إضعاف موقفهم الذي من الفترض أن يكون صاحب الموقف الأقوى نظراً للرسالة المنوطين بها. في المقابل نجد بعض الإعلاميين حرصوا على تدعيم خلفياتهم القضائية تجنباً للوقوع في خانة المسائلة بحيث تنقلب الأدوار بينهم وبين السلطة. من بين هؤلاء الإعلاميين “ضياء أبو طعام” الذي دخل عالم الإعلام من أبواب القضاء بنيله درجة دبلوم بالقانون العام وبعدها زاول مهنة الإعلام في قناة المنار.
سمحت له دراسته القانونية بأن يتجنب الأخطاء القانونية طوال الفترة التي قضاها ويقضيها في قناة المنار, إلا أنه خلال تصوير تحقيق حول المرامل حصل اعتراض من قبل الحرس الخاص لسياسي في المنطقة وقامت المخابرات بالإعتداء بالضرب على الفريق الموجود معه ولكن معرفته بالقانون سمحت له بأن يكون صاحب الموقف الأقوى والتمسك بحق عدم الإعتداء, لتنتقل القضية فيما بعد إلى القضاء اللبناني.
مكتب مكافحة الجريمة المعلوماتية:
بدايةَ في تعريف الجريمة المعلوماتية, هي كل جرم تكون فيه التقنيات العالية هدف الجرم مثل: خرق الأجهزة ، سرقة المعلومات وكل جرم تكون فيه التقنيات العالية وسيلة في اقتراف الجرم.
كما أن مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية يتدخل في مهام مكاتب اخرى مثل مكتب حماية الاداب العامة ويلاحق التحرش الجنسي وتسهيل الدعارة عبر الانترنت والإعتداء على الأطفال. ويباشر في التحقيق في حالتين الأولى مبنية على معلومات خاصة والثانية على شكاوى المواطنين, وفقا لإشارة النيابة العامة المختصة.
بعد إنشائه منذ العام 2006 بعيد إدراك لبنان خطورة الجرائم التي تتم عبر استعمال الفضاء الإلكتروني والتي تؤدي لسرقة أموال أو ابتزاز أو سرقة داتا معلومات من الشركات أو تخريب أنظمة شركات, تبين أنه هناك خطأ إذ أن المكتب يعمل اليوم على استدعاء المواطنين للتحقيق بسبب رأي وموقف كتبوه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحوّل الى سلطة تحقيق واتهام وتنفيذ، فيحقق ويتّهم ويطلق الأحكام التي عادة ما تكون توقيع تعهدات. والجدير ذكره أنه جرى إنشاء المكتب بحسب أحد القوانين مخالفة قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي الرقم 91/17، الذي ينص بمادته الثامنة على أنّه لا يمكن تنظيم وإنشاء وحدات في قوى الأمن الداخلي إلا بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير الداخلية، بعد استطلاع رأي مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي، بينما تم انشاء المكتب بناء لمذكرة خدمة صادرة عن المديرية.
ˮيقول أحد الخبراء الحقوقيين: “اذا كانت الحجّة التي يتم الاستدعاء بسببها قائمة على تحقير أحدهم او القدح والذم، فمن الجدير ذكره أن المرجع الصالح الذي ينظم التقاضي في هذه الجرائم هو قانون العقوبات الذي لم ينص اطلاقا على دور هذا المكتب”. ويضيف: “كذلك من الواجب التذكير بأن الـ”بوست” لا يمكن أن يكون بحد ذاته جرما، بل هو وسيلة اثبات لحدوث الجرم”.“
يقوم المكتب إلى جانب عدم قانونيته بإنتهاك الخصوصية الذي تحصل أثناء التحقيق من خلال “تفريغ” محتوى الهاتف الخاص”، مستغل بذلك عمله في ظل فراغ تشريعي وقانوني كبير يجعلهم يغطّون هذا الفراغ بالاعتماد على “القياس”.
تفرض أصول المحاكمات في لبنان وجود ضابطة عدلية، تعاون النيابة العامة، تقوم بواجبها بالتحقيق وترسله الى القاضي المنفرد أو الى قاضي التحقيق، ليسلك الملف طريقه نحو الحكم، ومن ثم يكون الاستئناف وغيره، ولكن في حالة هذا المكتب يقوم هو بالتحقيقات، ثم يوجه التهم ويحكم، فهل يستطيع أحد ما أن يوضح أين يمكن للماثلين أمام هذا المكتب أن يستأنفوا الحكم أو يعترضوا عليه؟.
أما النيابة العامة فإنها تلعب دور الخصم بالدعوى وبالتالي لا يمكن أن يصدر عنها الحكم، وهنا الخطورة لأنه لا يمكن استئناف “حكمها غير القانوني”، في الوقت نفسه إن “التعهّد” الذي يلزمون المواطنين على توقيعه هو بدعة قانونيّة وليس حُكمًا وهو يشكل نوعا من الالتفاف على القانون.
كما أنه لا يحق للمكتب اتخاذ تدابير احترازيّة خاصة، منها على سبيل المثال اعتبار الفايسبوك أداة جريمة وإجراء انتهاكات على أساسه التي تعتبر انتهاك لحرية الشخص وحقوقه عندما يتم على سبيل المثال إلزام المواطنين على توقيع تعهدات تفرض عليهم مثلا عدم استعمال “الفايسبوك” لشهر كامل, ما ينم عن جهل قانوني اذ أن هذا الطلب يعارض حقوق الانسان، ويحق لمن يُطلب إليه هذا الأمر أن يرفض رفضا مطلقا.
لا يتحمّل المكتب وحده مسؤولية عدم تطبيق القوانين، فالنيابات العامة التي تتولّى مهمة تحويل القضايا إليه للتحقيق فيها باتت تحمله كل قضية في طياتها استعمالا للانترنت، مع العلم أن مهمته هي تقديم المعونة للنيابة العامة بكل ما له علاقة بالجوانب التقنية للقضية. لا يستند المكتب بعمله الحالي لأيّ قوانين، اذ أن ممارساته بحاجة الى قَوْنَنَة كما وجوده، هذا إن سلّمنا جدلا بأن ما يقوم به هو أمر جيد، فكيف إن كانت ممارساته “المتشدّدة” والاستنسابيّة تساهم بإسكات اللبنانيين.
في ما يلي حصلت العديد من الإخترقات للقانون على يد مكتب مكافحة الجريمة المعلوماتية, وقد قامت المفكرة القانونية بنشرها بعد الإستماع للناشطين الذين أدلوا ما حصل معهم خلال التحقيقات داخل المكتب والإنتهاكات التي حصلت من قبل العناصر. http://www.legal-agenda.com/article.php?id=5107
مصدر
(محمد علوش- السبت 11 آب 2018 – 07:30 – موقع النشرة- https://www.elnashra.com/news/show/1233238/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9:-%D8%A3%D9%88%D9%82%D9%81%D9%88%D8%A7-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86 )